بحث

الأحد، 23 مايو 2010

المسجد الأقصى وقبة الصخرة

المسجد الأقصى وقبة الصخرة



المسجد الأقصى هو أولى القِبلتين وثالث الحرمين الشريفين والأصل فيه انه ساحة مربعة الشكل تقريبا تقع فوق تل موريا المقدس لكل أديان التوحيد وحتى للوثنيين الكنعانيين , وطول الجهة الغربية لهذه الساحة (490 م) والشرقية (474 م) والشمالية (321م) , ويحيط بها سور يختلف في ارتفاعه ويتخلل هذا السور أحد عشر بابا منها : باب الأسباط , وباب السلسلة , وباب المغاربة , وغيرها
ويقع في وسط هذه الساحة تقريبا مسجد قبة الصخرة الذي بناه عبد الملك بن مروان عام 72 هـ فوق الصخرة التي عرج من فوقها النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء
وفي الجهة الجنوبية من هذه الساحة يقع البناء الذي يطلق عليه حاليا المسجد الأقصى وتبلغ مساحته من الداخل (80م) طولا و(55م) عرضا, ويقوم على (53) عمودا من الرخام و (49) سارية مربعة الشكل
مكانة المسجد الأقصى وقبة الصخرة في الإسلام
أ- قدسية المسجد وبركة ماحولة حسيا ومعنويا في الإسلام
أما عن قدسيته فقد تعارف المسلمون على تسميته ببيت المقدس تأصيلا لهذا المعنى , فهو من حيث التقديس لدى المسلمين يأتي في المرتبة الثالثة بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي
وأما البركة الحسية فيما حوله من ارض فكما ذكر ابن كثير في تفسير قوله تعالى (الذي باركنا حوله-الإسراء) أي بالزروع والثمار , وقيل لأنه موطن الأنبياء ومهبط الملائكة, وبركته المعنوية وفيما حوله من ارض ترجع لكون هذه البقاع تضم مهابط الوحي , وما من نبي ألا زار هذه البقاع وهي تضم معظم قبور الأنبياء عليهم السلام , وصدق الله – تبارك وتعالى- حيث يقول: (سبحان الذي أسرى بعبدة ليلا من المسد الحرام إلى المسد الأقصى الذي باركنا حوله… “الإسراء:1) . أضف إلى ذلك أن أرضه هي ارض المحشر والمنشر كما ذكر في الآثار المختلفة, وهي ارض الرباط :” أهل الشام وأزواجهم وذرياتهم وإمائهم إلى منتهى الجزيرة مرابطون في سبيل الله” رواه الطبراني, ومن فوق صخرته, عرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العلى, وقيل أن الصخرة معراج الملائكة إلى السماء
ب فضل الصلاة فيه
ومن المستحب شد الرحال إليه و الصلاة فيه لتضاعف الأجر , فقد روى الطبراني والبزاز عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”الصلاة في مسجدي بألف صلاة والصلاة في بيت “المقدس بخمسمائة صلاة
ج – فضل مجاورته
ولان ارض بيت المقدس هي ارض الرباط وارض المحشر والمنشر وفيها الطائفة القائمة على الحق إلى يوم القيامة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لعدوهم قاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك. قيل : يا رسول الله أين هم؟; قال:بيت المقدس واكناف بيت (المقدس” (مسند احمد
لهذا كله فان الكثير من العلماء ذهب إلى القول باستحباب مجاورته والسكن في اكنافه, وقد سكنه كثير .من الصحابة والتابعين
د- فضل الصخرة المشرفة التي بني عليها مسجد قبة الصخرة
ويأتي فضل الصخرة وشرفها لكون النبي صلى الله عليه وسلم صعد من فوقها إلى السماوات العلى في ليلة الإسراء والمعراج , ومنها يصعد الملائكة إلى السماء, وقال بعض المفسرين: أن اسرافيل يقف فوقها يوم القيامة ينادي الناس إلى يوم الحساب وذلك في النفخة الأخيرة,
وعندما اتجه إبراهيم عليه السلام أثناء سفرة إلى حران رأى في منامه أن معراجا منصوبا من السماء إلى الارض والملائكة يصعدون وينزلون فيه فوق صخرة بيت المقدس , فنذر أن يبني معبدا فوقها بعد (عودته من حران, فبناه وسمي (بيت إيل
وعلى هذه الصخرة المشرفة نصب يوشع بن نون قبة الزمان أو خيمة الاجتماع التي أنشأها موسى علية السلام أثناء التيه, وعندها بنى داود عليه السلام محرابه, وقيل أنها كانت قبلة الأنبياء في الصلاة
لمحة تاريخية عن عمارة المسجدين: الأقصى وقبة الصخرة
يعتبر الأقصى ثاني مسجد يبنى في الأرض بعد المسجد الحرام لما رواه البخاري عن أبي ذر- رضي الله عنة- قال: قلت : يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أولا؟; قال: المسجد الحرام, قال: قلت: ثم أي ؟; قال: الأقصى, قلت: كم كان بينهما؟; قال: أربعون سنة..” وقد اختلف في أول من أسسه فقيل يجوز أن أحد أبناء أدم عليه السلام قد بنى بيت المقدس بعد أربعين عاما من بناء أدم عليه السلام للمسجد الحرام, وقيل يحتمل أن الملائكة قد بنت بيت المقدس بعد بنائها للبيت الحرام بأربعين عاما, وممن بنوا المسجد الأقصى إبراهيم عليه السلام حيث لما سكن ارض كنعان نصب خيمته فوق تل موريا – مكان المسجد الأقصى الحالي- وبنى مذبحا لله هناك, أي المسجد
كذا قام يعقوب عليه السلام بعد عودته من حران ببناء معبد الصخرة وسمي(بيت ايل) وظل هذا البيت محل تقديس بعد يعقوب بالرغم من وجود بني إسرائيل في هذه الفترة التاريخية في مصر ولكن لما عاد بنو إسرائيل إلى فلسطين وفتح داود عليه السلام مدينة القدس عام 977 ق.م بعد أن كانت مستعصية على بني إسرائيل فترة طويلة,قام بنقل التابوت إليها وهم ببناء الهيكل إلا أن الأجل وافاه قبل ذلك, وخلفه ابنه سليمان عليه السلام فبنى الهيكل – أي المسجد – على احسن صورة وهو المسمى هيكل سليمان عند اليهود. وظل هذا الهيكل حتى دمره الملك البابلي بُختنَصَّـر عام 587 ق.م ثم أعيد بناءه بعد عودة اليهود (إلى فلسطين من منفاهم بفضل ملك فارس (قورش الاخميني
أما التدمير الثاني للهيكل فكان على يد الإمبراطور الروماني (تيطس) عام70م لكنه ابقى حطام الهيكل وقد تنبأ عيسى عليه السلام بهذا التدمير قبل صعوده إلى السماء حيث ذكر إنجيل متى ” يا أورشيم”: يا اورشيم يا قتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها,كم أردت أن اجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحها ولكن لم تريدوا, وهو ذا بيتكم يترك خرابا” ثم جاء الإمبراطور هارديان عام 135 م فحرث المدينة وأزال حطام الهيكل على أثره قامت ثورة لليهود ضد الحكم الروماني
العصر الإسلامي
لما فتح المسلمون القدس عام 15 هـ واستلم الخليفة عمر- رضي الله عنه- مفتاحها من البطريك صفرانيوس طلب منه أن يدله على مسجد داود عليه السلام وبعد مراوغة وصل البطريك إلى مسجد بيت المقدس عند الباب المسمى (باب عمر) وكان الباب يكاد أن يغلق من الزبالة الملقاة خلفه، فدخل عمر- رضي الله عنه- والمسلمون معه إلى الصحن ونظر- رضي الله عنه- يمينا وشمالا ثم قال: الله أكبر, هذا والذي نفسي بيده مسجد داود الذي أخبرنا رسول الله صلى الله علية وسلم أنه أسرى به إليه
وفي هذا المكان بنى عمر مسجده المعروف باسمه
وفي عام 72 هـ قام الخليفة الوليد بن عبدالملك ببناء المسجد الأقصى وتوسعته وأصبح مسجد عمر جزءا منه، ولكن هذا البناء أصابه زلزال في عام 130هـ فقام الخليفة المنصور العباسي ببنائه سنة 140 هـ، ثم تهدم هذا البناء مرة أخرى فأمر بإنشائه الخليفة المهدي عام 162هـ. وفي مطلع القرن الثالث الهجري أصاب زلزال بناء المهدي فوزع المأمون بناء المسجد على أمراء الأنحاء، يبني كل منهم رواقا على نفقته وتولى البناء عبدالله بن طاهر وكان ذلك عام 120هـ. إلا أن هذا البناء زلزل مرة أخرى في العصر الفاطمي وأعيد بناؤه في زمن الظاهر الفاطمي عام 246 هـ، وأثناء الحروب الصليبية تعرض المسجد للهدم حتى جاء صلاح الدين عام 583 هـ فرمم البناء وأعاد محرابه بعد أن جعله النصارى مرحاضا لهم. وقد اهتم سلاطين المماليك ببيت المقدس فقاموا بعمليات الترميم والبناء على امتداد حكمهم خاصة القباب في ساحة المسجد الأقصى. كذلك أولى العثمانيون بيت المقدس أهمية خاصة فقد كانت سنجقا خاصا وسمي بالمستقبل وكان يتبع وزارة الداخلية العثمانية مباشرة. وأشهر سلاطين العثمانيين .الذين اهتموا ببيت المقدس سليمان القانوني
مسجد قبة الصخرة
هو بناء على شكل مثمن اغلبه من الفسيفساء ويعلوه قبة كبيرة مطلية بالذهب، وقد بني مسجد قبة الصخرة فوق الصخرة التي عرج من فوقها النبي صلى الله علية وسلم إلى السماوات العلى وتتراوح (أطوال هذه الصخرة من الشمال إلى لجنوب (17.7 م) وعرضها من الشرق إلى لغرب (13.5 م وارتفاعها بين متر ومترين وتحتها غار فيه محراب للصلاة، وهذه الصخرة كما ذكر في الأثر أنها من صخور الجنة
ويذكر المؤرخون أن أول من بنى مسجد قبة الصخرة هو الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان حيث جمع الصناع من مختلف الأنحاء وجعل العمل تحت إمرة رجاء الكندي ويزيد بن سلام، وقد قام بإعادة ترميم المسجد الخليفة العباسي المأمون على أثر تهدم أصابه، كما أمرت أم الخليفة المقتدر العباسي بصنع أبواب لقبة الصخر سنة 913 م وأعيد ترميم المسجد في عهـد الظاهر الفاطمي، وقد تعرض مسجد القبة للتغيير ونصب التماثيل والصور في العهد الصليبي حتى جاء صلاح الدين الأيوبي فأعاد للمسجد طابعه الإسلامي
وفي عهد السلطان العثماني سليمان القانوني أعيدت عمارة الباب الشمالي لمسجد الصخرة وصنع ستة عشرة نافذة من الزجاج له وثلاثة ابواب نحاسية عام 945 هـ. وظلت عمليات الترميم قائمة حتى جاء الاحتلال الإسرائيلي فتوقفت
المسجد الأقصى تحت الاحتلال الغاشم
(الحفريات)
قام اليهود منذ احتلالهم القدس عام 1967 م بعمليات الحفر والتي يزعمون أن الهدف من ورائها هو العثور على أنقاض هيكل سليمان، لكن الحقيقة هي تفريغ الأرضية تحت المسجد الأقصى لتصبح أساساته هشة وبالتالي تهدمه – لا قدر الله- وقد مرت عمليات الحفر بعشر مراحل
- المرحلتان الأولى والثانية: (1967 م- 1969 م). في هاتين المرحلتين استولى اليهود على حي- المغاربة ليكون مركزا لانطلاق أعمال الحفر، وأقيمت في هاتين المرحلتين المدارس الدينية والمعاهد الخاصة بهم
- المرحلتان الثالثة والرابعة (1970- 1973 م): شق اليهود الأنفاق حول أسوار المسجد من الجانب- الجنوبي والغربي، وشملت هاتين المرحلتين الاستيلاء على مبنى المحكمة الشرعية من ضمن الأبنية الإسلامية التي تم الاستيلاء عليها
( المرحلتان الخامسة والسادسة (1974 م- 1976 م-
وقد توسعت الحفريات تحت الجدار الغربي بشكل مركز في هذه الفترة، وأزيلت مقبرة المسلمين التي تضم رفات الصحابيين عبادة بن الصامت، وشداد بن أوس الأنصاري- رضي الله عنهما
المرحلتان السابعة والثامنة (1977 م- 1979 م): وصلت الحفريات في تلك الفترة إلى مسجد النساء- داخل المسجد الأقصى , واستمرت تحت الجدار الغربي قرب حائط البراق (المبكى) وشق نفق واسع طويل تحت المسجد اخترقه من شرقه إلى غربه وتم بناء كنيس صغير في هذا النفق واعتبر معبدا مؤقتا لهم، وافتتحه رئيس مجلس الوزراء الإسرانيلي عام 1986 م
المرحلتان التاسعة والعاشرة (1986 م- 1988 م): انتشرت الحفريات في هاتين المرحلتين من كل- جانب وتمت تحت إشراف علماء من الآثار استقدموا من الخارج لهذا الغرض، واستولى اليهود في تلك الفترة على كثير من بيوت المسلمين وسكن الإرهابي (شارون) في واحد منها، وقد حاول عمال الحفر الشروع في الحفريات وسط الطريق المؤدي إلى حي الوادي الملاصق للمسجد، ولكن الحراس تصدوا لهم. وعلى إثر ذلك قامت دائرة الأوقاف ببناء سياج حول الأرض المجاورة للحائط الشرقي لمنع أعمال الحفر، فعقدت السلطات الإسرائيلية محاكمة لمدير الأوقاف بسبب هذا الإجراء. وما زالت أعمال الحفر قائمة حتى الآن
:المراجع
قبل أن يهدم المسجد الأقصى: عبدالعزيز مصطفى *
التطور العمراني لمدينة القدس: الدكتور عبد العليم عبد الرحمن خضر *
معجم بلدان فلسطين: محمد محمد شراب *
بيت المقدس وما حوله: الدكتور/ محمد عثمان شبير *
الجامع لأحكام القرآن: القرطبي *

ليست هناك تعليقات: